الجمعة، يوليو 30، 2010

مفردة شلـع ... بمعنى قلـع واستأصل، ما هو أصلها؟

شلع: قلع الشيء الثابت , قطع

المفردة ليست معجمية في سياقها هذا , ولكنها وردت عرضًا في مادة ( ش ع ل ع ) في كتاب تاج العروس للزبيدي في كلام له نسبه إلى الأزهري لتعني التفرّق والانتشار بزيادة اللام الطويل في مادة ( شعع ) في قوله : "لا أدري أزيدت العين الأولى , أو الأخيرة مزيدة ؟ .. فإنْ كانت الأخيرة مزيدة فالأصل شعل, وإنْ كانت الأولى هي المزيدة, فأصله شلع".
وترد مادة ( شعلع ) لتدلّ على الطول عند ابن منظور في اللسان وعند إسماعيل بن عباد في المحيط, وتدلّ على الطول المفرط عند الثعالبي في فقه اللغة: "شعلع الرجل, إذا أفرط ـ في الطول ـ وبلغ النهاية".
وتدلّ على الشجرة المتفرّقة الأغصان, كما عند ابن عباد في المصدر السابق, وفي تاج العروس للزبيدي.
وفعل التفرّق نجده أكثر تركيزًا ووضوحًا في مادة شعع المعجمية الثنائية المضعّفة التي ينفرد الأزهري بالتأكيد على إنها الأصل الذي جاءت منه مادة شعلع السابقة.
فمادة شعع ترد في المعجم العربي لتعطي معنى التفرّق والانتشار, ومنها الشعاع في قولنا تطاير القوم شعاعا: أي متفرقين، كقول قطري بن الفجاءة:
أقول لها وقد طارت شعاعا.... من الأبطال ويحك لا تراعي
أي تفرّقت من فرط الهلع والخوف.
وقد أَشَعَّتِ الشمسُ: نَشَرَتْ شُعاعَها. ومنه حديث ليلة القدر: "إنَّ الشمسَ تطلع من غَدِ يومِها لا شُعاعَ لها".
كل هذا يقود إلى إنّ مادة شلع التي ذكرها الأزهري لتدلّ على التفرّق والانتشار, دافعا إياها إلى بعد دلالي جديد لم يرد في المعجم العربي, تشبه في وجوه متعدّدة استعمالاتها في اللهجات العامية التي تفيد القطع والقلع من الشيء الثابت, إذ أن التفرّق أو الانتشار لا يكون أو يصدر إلا من مكان وشيء ثابت أيضا، وهذا ما ذكرته اللهجات الخليجية في أمثلتها وكناياتها كما في قولهم في المثل الشائع : (السنّ لي من ركل .. من شلعته لابد)
ورغم أن الأزهري لم يكن متيقنا من موضع اللام الطويلة في المفردة إلا أنّ شجاعته في الإشارة إلى إمكانية التغيير كانت دافعا قويا ليتبنّاه الزبيدي فيما بعد في كتابه, أو قد يكون الأزهري قد سمع بها من قبل من غير العرب أو من عوامهم, فمادة ( شلع ) عدّها البعض سواديّة, أي عراقية بتأثيرات نبطية آرامية, وفي هذا الرأي الكثير من الصواب إذا عرفنا إن مادة ( شلع ) موجودة في المعجمية السريانية ( الآرامية ) بمعنى قلع واستأصل.
وهذا يقودني إلى التأكيد على إنّ مفردة شلع في اللهجات الخليجية هي من بقايا اللغات السامية الجزيرية التي كانت شائعة في هذه المناطق قبل أن تنحسر وتذوب أمام المدّ المعجمي العربي, ولكن اللهجة احتفظت لنا بها وتداولتها على مرّ الدهور حتى وصلتنا .